فصل: في الذي يصوم متطوعا ويفطر من غير علة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


في القيء للصائم

قلت‏:‏ أرأيت القيء في رمضان ما قول مالك فيه‏.‏

قال‏:‏ قال مالك إن ذرعه القيء في رمضان فلا شيء عليه وإن استقاء فعليه القضاء‏.‏

ابن وهب‏:‏ قال وأخبرني حيوة بن شريح عن بكر بن عمرو المعافري عمن يثق به أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا ذرعه القيء لم يفطر وإذا استقاء طائعا أفطر‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن الحارث بن نبهان عن عطاء بن عجلان عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذرع الرجل القيء وهو صائم فإنه يتم صيامه ولا قضاء عليه وإن استقاء فقاء فإنه يعيد صومه ‏(‏أشهب‏)‏ وقاله بن عمر وعروة بن الزبير ‏(‏وقال أشهب‏)‏ إن كان صومه تطوعا فاستقاء فإنه يفطر وعليه القضاء وإن تمادى ولم يفطر فعليه القضاء وإن كان صيامه واجبا فعليه أن يتم صيامه وعليه القضاء وإن ذرعه القيء فلا شيء عليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت من تقيأ في صيام الظهار أيستأنف أم يقضي يوما يصله بالشهرين‏.‏

قال‏:‏ يقضي يوما يصله بالشهرين‏.‏

في المضمضة والسواك للصائم

 قلت‏:‏ أرأيت من تمضمض فسبقه الماء فدخل حلقه أعليه القضاء في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ إن كان في رمضان أو في صيام واجب عليه فعليه القضاء ولا كفارة عليه وإن كان في تطوع فلا قضاء عليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن كانت هذه المضمضة لوضوء صلاة أو لغير وضوء صلاة فسبقه الماء فدخل حلقه أهو سواء في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فهل كان مالك يكره أن يتمضمض الصائم من عطش يجده أو من حر يجده‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا بأس بذلك وذلك يعينه على ما هو فيه قال ويغتسل أيضا‏.‏

قلت‏:‏ فإن دخل حلقه من هذه المضمضة التي من الحر أو من العطش شيء فعليه عند مالك إن كان صياما واجبا مثل رمضان أو غيره القضاء ولا كفارة عليه وإن كان تطوعا فلا كفارة عليه ولا قضاء‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ ما قول مالك في السواك أول النهار أو آخره‏.‏

قال قال مالك لا بأس به في أول النهار وفي آخره ‏(‏قلت‏:‏ أرأيت الرجل يستاك بالسواك الرطب أو غير الرطب يبله بالماء‏.‏

قال‏:‏ قال مالك أكره الرطب فأما غير الرطب فلا بأس به وإن بله بالماء‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك ولا أرى بأسا بأن يستاك الصائم في أي ساعة شاء من ساعات النهار إلا أنه لا يستاك بالعود الأخضر‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن سفيان الثوري أن عاصم بن عبيد الله بن عمر حدثه عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه أنه قال ما أحصى ولا أعد ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتسوك وهو صائم‏.‏

الصيام في السفر

 قال ابن القاسم‏:‏ قال مالك الصيام في رمضان في السفر أحب إلي لمن قوي عليه‏.‏

قال‏:‏ فقلت لمالك فلو أن رجلا أصبح في السفر صائما في رمضان ثم أفطر متعمدا من غير علة ماذا عليه‏.‏

قال‏:‏ القضاء مع الكفارة مثل من أفطر في الحضر‏.‏

قال‏:‏ وسألت مالكا عن هذا غير مرة ولا عام فكل ذلك يقول لي عليه الكفارة وذلك أني رأيته أو قاله لي إنما كانت له السعة في أن يفطر أو يصوم فإذا صام فليس له أن يخرج منه إلا بعذر من الله فإن أفطر متعمدا كانت عليه الكفارة مع القضاء‏.‏

قال‏:‏ فقلت لمالك فلو أن رجلا أصبح في حضر في رمضان صائما ثم سافر فأفطر‏.‏

قال‏:‏ ليس عليه الا قضاء يوم ولا أحب أن يفطر فإن أفطر فليس عليه الا قضاء يوم‏.‏

قلت‏:‏ ما الفرق بين هذا الذي صام في السفر ثم أفطر وبين هذا الذي صام في الحضر ثم سافر من يومه ذلك فأفطره عند مالك‏.‏

قال‏:‏ قال لنا مالك أو فسر لنا عنه لأن الحاضر كان من أهل الصوم فخرج مسافرا فصار من أهل الفطر فمن ها هنا سقطت عنه الكفارة ولأن المسافر كان مخيرا في أن يفطر وفي أن يصوم فلما أختار الصيام وترك الرخصة صار من أهل الصيام فإن أفطر فعليه ما على أهل الصيام من الكفارة‏.‏

وقد قال المخزومي وبن كنانة وأشهب في الذي يصوم في السفر في رمضان ثم يفطر إن عليه القضاء ولا كفارة عليه إلا أن أشهب قال إن تأول إن له الفطر له الفطر لأن الله قد وضع عنه الصيام‏.‏

قال أشهب‏:‏ وإن أصبح صائما في السفر ثم دخل على أهله نهارا فأفطر فعليه القضاء والكفارة ولا يعذر أحد في هذا ‏(‏وقال‏)‏ المخزومي وبن كنانة فيمن أصبح في الحضر صائما ثم خرج إلى السفر فإفطر يومه ذلك إن عليه القضاء والكفارة لأن الصوم وجب عليه في الحضر‏.‏

وقد روى أشهب حديث النبي صلى الله عليه وسلم حين أفطر وهو بالكديد حين قيل له إن الناس قد أصابهم العطش‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ فقلت لمالك فلو أن رجلا أصبح صائما متطوعا ثم سافر فأفطر أعليه قضاء ذلك اليوم‏؟‏ قال نعم‏.‏

قال‏:‏ فقلت له فإن غلبه مرض أو حر أو عطش أو أمر اضطره إلى الفطر من غير أن يقطعه متعمدا‏.‏

قال‏:‏ ليس عليه إذا كان هكذا قضاء ‏(‏وقال‏)‏ من صام في السفر في رمضان فأصابه أمر يقطعه عن صومه فليس عليه الا القضاء ومن أصبح صائما في السفر متطوعا فأصابه مرض ألجأه إلى الفطر فلا قضاء عليه وإن أفطره متعمدا فعليه القضاء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت من أصبح مسافرا ينوي الفطر في رمضان ثم دخل بيته قبل طلوع الشمس فنوى الصيام‏؟‏ قال لا يجزئه‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك إذا علم أنه يدخل بيته من سفره في أول النهار فليصبح صائما وإن لم يصبح صائما وأصبح ينوى الإفطار ثم دخل بيته وهو مفطر فلا يجزئه الصوم وإن نواه وعليه قضاء هذا اليوم‏.‏

قلت‏:‏ هل كان مالك يكره لهذا أن يأكل في بقية يومه هذا‏.‏

فقال‏:‏ لا يكره له أن يأكل في بقية يومه هذا‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك من دخل من سفره وهو مفطر في رمضان فلا بأس عليه أن يأكل في بقية يومه‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت من أصبح في بيته وهو يريد السفر في يومه ذلك فأصبح صائما ثم خرج مسافرا فأكل وشرب في السفر‏.‏

قال‏:‏ قال مالك إذا أصبح في بيته فلا يفطر يومه ذلك وإن كان يريد السفر لأن من أصبح في بيته قبل أن يسافر وإن كان يريد السفر من يومه فليس ينبغي له أن يفطر‏.‏

قال مالك‏:‏ بلغني أن عمر بن الخطاب كان إذا علم أنه داخل المدينة من أول يومه وكان في سفر صام فدخل وهو صائم‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر أنه أقبل في رمضان حتى إذا كان بالروحاء فقال لأصحابه ما أرانا الا مصبحي المدينة بالغداة وأنا صائم غدا فمن شاء منكم أن يصوم صام ومن شاء أفطر‏.‏

قلت‏:‏ فإن أفطر بعد ما خرج‏.‏

قال‏:‏ قال مالك عليه القضاء ولا كفارة عليه‏.‏

ابن وهب‏:‏ وأخبرني الحارث بن نبهان عن أبان بن أبي عياش عن أنس بن مالك قال وإن كانوا ليرون أن من صام أفضل قال أنس ثم غزونا حنينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان له ظهر أو فضل فليصم‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن عمرو بن الحارث عن أبي الاسود عن عروة بن الزبير عن أبي مراوح عن حمزة بن عمرو الأسلمي أنه قال يا رسول الله اني أجد بي قوة على الصيام في السفر فهل علي جناح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هي رخصة من الله فمن أخذ بها فحسن ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه‏.‏

ابن وهب‏:‏ قال أخبرني رجال من أهل العلم عن أبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله وعبد الله بن عباس وعائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صام في السفر وأفطر‏.‏

في صيام آخر يوم من شعبان

 قلت‏:‏ أرأيت رجلا أصبح في أول يوم من رمضان ينوي الفطر ولا يعلم أن يومه ذلك من رمضان ثم علم مكانه قبل أن يأكل ويشرب‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يكف عن الأكل والشرب ويقضي يوما مكانه‏.‏

قلت‏:‏ فإن أفطره بعد ما علم‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا أرى عليه الكفارة وعليه القضاء لذلك اليوم إلا أن يكون أكل فيه وهو يعلم ما على من أفطر في رمضان متعمدا جرأة على ذلك فأرى عليه القضاء مع الكفارة‏.‏

قلت‏:‏ وأول النهار في هذا الرجل وآخره سواء عند مالك إن كان لم يعلم أن يومه من رمضان إلا بعد ما ولى النهار فقال ذلك عند مالك سواء‏.‏

قلت‏:‏ قال مالك لا يجزئه من صيام رمضان وعليه قضاؤه ‏(‏وقال مالك‏)‏ لا ينبغي أن يصام اليوم الذي من اخر شعبان الذي يشك أنه من رمضان‏.‏

قلت‏:‏ فلو أن قوما أصبحوا في أول يوم من رمضان فأفطروا ثم جاءهم الخبر أن يومهم من رمضان أيدعون الأكل والشرب في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ نعم ويقضون يوما مكانه ولا كفارة عليهم‏.‏

قلت‏:‏ فلو أكلوا وشربوا بعد ما جاءهم الخبر أن يومهم من رمضان أيكون عليهم الكفارة‏؟‏ قال لا كفارة عليهم‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏.‏

قال‏:‏ نعم إلا يكونوا أكلوا جرأة على ما فسرت لك ‏(‏أشهب‏)‏ عن الدراوردي عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم‏؟‏ قال لا تقدموا الشهر بيوم ولا بيومين إلا أن يوافق ذلك صوما كان يصومه أحدكم صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين ثم أفطروا ‏(‏مالك‏)‏ عن نافع وعبد الله بن دينار عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم‏؟‏ قال لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فاقدروا له‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن عطاء عن ربيعة قال في الرجل يصوم قبل أن يرى الهلال من رمضان بيوم ويقول إن كان الناس قد رأوه كنت قد صمته قال ربيعة لا يعتد بذلك اليوم وليقضه لأنه صام على الشك ‏(‏وقال ربيعة‏)‏ في رجل جاءه الخبر بعد ما انتصف النهار أن هلال رمضان قد رؤي وصام الناس ولم يكن هو أصاب طعاما ولا شرابا ولا امرأته‏.‏

قال‏:‏ يصوم ذلك اليوم ويقضيه‏.‏

في الذي يصوم متطوعا ويفطر من غير علة

قلت‏:‏ أرأيت من أصبح صائما متطوعا فأفطر أعليه القضاء في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا أصبح يوم الأضحى أو يوم الفطر صائما فقيل له إن هذا اليوم لا يصلح فيه الصوم فأفطر أيكون عليه قضاؤه في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يكون عليه قضاؤه عند مالك‏.‏

في رجل أصبح صائما ينوي به قضاء يوم من رمضان ثم ذكر في النهار أنه قد كان قضاه

 قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا أصبح صائما ينوي به قضاء رمضان ثم ذكر في النهار أنه قد كان قضى ذلك اليوم قبل ذلك وذكر أنه لا شيء عليه من رمضان أيجوز له أن يفطر‏.‏

فقال‏:‏ لا يجوز له أن يفطر وليتم صومه‏.‏

قال أشهب‏:‏ لا أحب له أن يفطر وإن أفطر فلا شيء عليه ولا قضاء عليه وإنما هو بمنزلة رجل شك في الظهر فأخذ يصلي ثم ذكر أنه قد كان صلى فإنه ينصرف على شفع أحب إلي وإن قطع فلا شيء عليه‏.‏

قلت‏:‏ أكان مالك يكره أن يعمل الرجل في صيامه في النافلة ما يكره له في الفريضة‏؟‏ قال نعم‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن مالك وعبد الله بن عمر ويونس بن يزيد عن بن شهاب قال بلغني أن عائشة وحفصة أصبحتا صائمتين متطوعتين وأهدى لهما طعام فأفطرتا عليه فدخل عليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت عائشة فقالت حفصة وبدرتني بالكلام وكانت بنت أبيها اني أصبحت أنا وعائشة صائمتين متطوعتين فأهدى لنا طعام فأفطرنا عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقضيا مكانه يوما آخر‏.‏

ابن وهب‏:‏ وقال عبد الله بن عمر في الذي يصبح صائما متطوعا ثم يفطر لطعام أو غيره من غير ضرورة فذلك الذي يلعب بصومه‏.‏

فيمن التبست عليه الشهور فصام رمضان قبل دخوله أو بعده

قلت‏:‏ أرأيت الاسير في أرض العدو إذا التبست عليه الشهور فصام شهرا ينوي به رمضان فصام قبله‏.‏

قال‏:‏ بلغني عن مالك ولم أسمعه منه أنه قال إن صام قبله لم يجزه وإن صام بعده أجزأه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا التبست عليه الشهور مثل الاسير والتاجر في أرض الحرب وغيرهما فصام شهرا تطوعا لا ينوي به رمضان فكان الشهر الذي صامه رمضان‏.‏

فقال‏:‏ لا يجزئه وعليه أن يستقبل قضاء رمضان لأن مالكا قال لو أن رجلا أصبح في أول يوم من رمضان وهو لا يعلم أنه من رمضان فصامه متطوعا ثم جاءه الخبر أنه من رمضان‏؟‏ قال لا يجزئه وعليه إن يعيده وقد ذكر لنا عن ربيعة ما يشبه هذا وهذا من ذلك الباب ‏(‏وقال أشهب‏)‏ مثل قول بن القاسم سواء‏.‏

قال أشهب‏:‏ لأنه لم ينو به رمضان وإنما نوى به التطوع‏.‏

في الجنب والحائض في رمضان

 قال ابن القاسم‏:‏ قال مالك لا بأس أن يتعمد الرجل أن يصبح جنبا في رمضان‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن طهرت امرأة من حيضتها في رمضان في أول النهار أو في آخر أتدع الأكل والشرب في قول مالك بقية نهارها‏.‏

قال‏:‏ لا ولتأكل ولتشرب وإن قدم زوجها من سفر وهو مفطر فليطأها وهذا قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ فإن كانت صائمة فحاضت في رمضان أتدع الأكل والشرب في قول مالك بقية يومها‏.‏

فقال لا ‏(‏قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قال‏:‏ وسألت مالكا عن المرأة ترى الطهر في آخر ليلتها من رمضان‏.‏

فقال‏:‏ إن رأته قبل الفجر اغتسلت بعد الفجر وصيامها مجزىء عنها وإن رأته بعد الفجر فليست بصائمة ولتأكل ذلك اليوم وإن استيقظت بعد الفجر فشكت أن يكون كان الطهر ليلا قبل الفجر فلتمض على صيام ذلك اليوم وتقضي يوما مكانه‏.‏

قلت‏:‏ لم جعل مالك عليها القضاء ها هنا‏.‏

قال‏:‏ لأنه يخاف أن لا تكون طهرت إلا بعد الفجر فإن كان طهرها بعد الفجر فلا بد من القضاء لأنها أصبحت حائضا‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن أفلح بن حميد أن القاسم بن محمد حدثه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم واقع أهله ثم نام فلم يغتسل حتى أصبح فاغتسل وصلى ثم صام يومه ذلك‏.‏

في المغمى عليه في رمضان والنائم نهاره كله

 قلت‏:‏ أرأيت رجلا أغمي عليه نهارا في رمضان ثم أفاق بعد ذلك بأيام أيقضي صوم ذلك اليوم الذي أغمي عليه فيه أم لا‏؟‏ فقال‏:‏ قال مالك إن كان أغمي عليه من أول النهار إلى الليل رأيت أن يقضي يوما مكانه وإن أغمي عليه وقد مضى أكثر النهار أجزأه ذلك‏.‏

قال‏:‏ فقلت له فلو أنه أغمي عليه بعد أن أصبح وثبت الصيام إلى انتصاف النهار ثم أفاق بعد ذلك أيجزئه صيامه ذلك اليوم‏؟‏ قال نعم يجزئه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المغمى عليه أياما هل يجزئه صوم اليوم الذي أفاق فيه إن نوى أن يصومه حين أفاق في قول مالك‏.‏

فقال‏:‏ لا يجزئه وعليه قضاؤه لأن من لم يبيت الصيام فلا صيام له‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أغمي عليه ليلا في رمضان وقد نوى صيام ذلك اليوم فلم يفق إلا عند المساء من يومه ذلك أيجزئه صيامه في قول مالك فقال لا‏.‏

قلت‏:‏ وإن أفاق بعد ما أصبح أيجزئه صوم يومه ذلك في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ لا أرى أن يجزئه‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وقد بلغني ذلك عمن مضى من أهل العلم أنه قال من أغمي عليه في رمضان قبل الفجر فلم يفق إلا بعد الفجر لم يجزه صيامه‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ والمغمى عليه لا يكون بمنزلة النائم ولو أن رجلا نام قبل الفجر وكان قد سهر ليلته كلها ونام نهاره كله وضرب على أذنه النوم حتى الليل لأجزأ عنه صيامه ولو أغمي عليه من مرض حتى يفارقه عقله قبل الفجر حتى يمسي لم يجز عنه وهذا أحسن ما سمعت‏.‏

قلت‏:‏ فإن أصبح في رمضان ينوي الصيام ثم أغمي عليه قبل طلوع الشمس فلم يفق إلا عند غروب الشمس أيجزئه صومه ذلك اليوم أم لا‏؟‏ في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك لا يجزئه لأنه أغمي عليه أكثر النهار ‏(‏وقال أشهب‏)‏ مثل ما قال ابن القاسم عن مالك‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقولنا إن من أغمي عليه أكثر النهار إن عليه القضاء احتياطا واستحسانا ولو أنه اجتزى به ما عنف ولرجوت ذلك له إن شاء الله‏.‏

قلت‏:‏ ما قول مالك فيمن بلغ وهو مجنون مطبق فمكث سنين ثم أفاق‏.‏

فقال‏:‏ قال مالك يقضي صيام تلك السنين ولا يقضي تلك الصلاة‏.‏

فيمن أكل ناسيا في رمضان

 قلت‏:‏ أرأيت من أكل أو شرب أو جامع ناسيا في رمضان أعليه القضاء في قول مالك‏؟‏ قال نعم ولا كفارة عليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت من أكل أو شرب أو جامع امرأته في رمضان ناسيا فظن إن ذلك يفسد عليه صومه فأفطر متعمدا لهذا الظن بعد ما أكل ناسيا أيكون عليه الكفارة في قول مالك‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ لا كفارة عليه وعليه القضاء وذلك أني سمعت مالكا وسئل عن امرأة رأت الطهر ليلا في رمضان قبل الفجر فلم تغتسل حتى أصبحت فظنت أن من لم يغتسل قبل طلوع الفجر فلا صوم له فأكلت‏.‏

قال‏:‏ ليس عليها إلا القضاء‏.‏

قال‏:‏ وسمعت مالكا وسأله رجل عن رجل كان في سفر فدخل إلى أهله فظن أن من لم يدخل في نهاره قبل أن يمسي أنه لا يجزئه صومه فإن له أن يفطر فأفطر‏.‏

فقال‏:‏ مالك ليس عليه الا القضاء ولا كفارة عليه‏.‏

قال وسئل مالك عن عبد بعثه سيده يرعى ابلا له أو غنما فخرج على مسيرة ميلين أو ثلاثة يرعى فظن أن ذلك سفر وذلك في رمضان فأفطر ‏(‏قال‏:‏ ليس عليه الا القضاء ولا كفارة عليه‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وكل ما رأيت مالكا يسئل عنه من هذا الوجه على التأويل فلم أره يجعل فيه الكفارة الا امرأة ظنت فقالت حيضتي اليوم وكان ذلك من أيام حيضتها فأفطرت في أول نهارها وحاضت في آخره فقال عليها القضاء والكفارة‏.‏

قال مالك‏:‏ ولو أن رجلا أكل في أول النهار ثم مرض في آخره مرضا لا يستطيع الصوم معه لكان عليه القضاء والكفارة جميعا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت من أصبح في رمضان صائما فأكل ناسيا أو شرب ناسيا أو جامع ناسيا فظن أن ذلك يفسد عليه صومه فأكل متعمدا‏.‏

قال‏:‏ قال مالك في الحائض إذا طهرت من الليل ولم تغتسل الا بعد الفجر فظنت أن ذلك لا يجزئ عنها فأفطرت إنه لا كفارة عليها‏.‏

قال‏:‏ وسئل مالك عن رجل قدم في الليل من سفره فظن أنه من لم يقدم نهارا قبل الليل أن الصيام لا يجزئه فأفطر ذلك اليوم‏.‏

قال‏:‏ سمعت مالكا يقول ليس عليه الا قضاء ذلك اليوم‏.‏

قال‏:‏ والذي سألت عنه يشبه هذا‏.‏

في صيام الصبيان

 قال‏:‏ وسألت مالكا عن الصبيان متى يؤمرون بالصيام‏.‏

قال‏:‏ إذا حاضت الجارية واحتلم الغلام قال ولا يشبه الصيام في هذا الصلاة‏.‏

فيمن أكل أو شرب في صيامه مكرها

 قلت‏:‏ أرأيت من أصبح في رمضان صائما فأكره فصب في حلقه الماء أيكون صائما أو يكون عليه القضاء والكفارة في قولك مالك‏.‏

قال‏:‏ عليه القضاء ولا كفارة عليه‏.‏

قلت‏:‏ فإن فعل به هذا في التطوع‏.‏

قال‏:‏ لا قضاء عليه عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ فإن صب في حلقه الماء في نذر واجب عليه ماذا يجب عليه في قول مالك‏.‏

قال‏:‏ عليه القضاء‏.‏

قلت‏:‏ فإن صب في حلقه الماء في صيام من ظهار أو قتل نفس أو كفارة أيجزئه أم يستأنف‏.‏

قال‏:‏ يقضي يوما مكانه ويصله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن صب في حلقه الماء في صيام متتابع أعليه أن يعيد صومه أم يقضي يوما مكانه في قول مالك‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ يقضي يوما مكانه ويصله بالشهرين‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أكره الصائم فصب في حلقه الماء أو كان نائما أيكون عليه القضاء والكفارة‏.‏

فقال‏:‏ عليه القضاء ولا كفارة عليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن امرأة جومعت وهي نائمة في رمضان نهارا‏.‏

فقال‏:‏ عليها القضاء عند مالك ولا كفارة عليها‏.‏

صيام الحامل والمرضع والشيخ الكبير

 قلت‏:‏ أرأيت الحامل والمرضع إذا خافتا على ولديهما فأفطرتا‏.‏

فقال‏:‏ تطعم المرضع وتفطر وتقضي إن خافت على ولدها‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك إن كان صبيها يقبل غير أمه من المراضع وكانت تقدر على أن تستأجر له أو له مال يستأجر منه له فلتصم ولتستأجر له وإن كان لا يقبل غير أمه فلتفطر ولتقض ولتطعم عن كل يوم أفطرته مدا مدا لكل مسكين‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك في الحامل لا اطعام عليها ولكن إن صحت وقويت قضت ما أفطرت‏.‏

قلت‏:‏ ما الفرق بين الحامل والمرضع‏.‏

قال‏:‏ لأن الحامل هي مريضة والمرضع ليست بمريضة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن كانت صحيحة إلا أنها تخاف إن صامت أن تطرح ولدها‏.‏

قال‏:‏ إذا خافت أن تسقط أفطرت فهي مريضة لأنها لو أسقطت كانت مريضة‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة أن خالد بن أبي عمران حدثه أنه سأل القاسم وسالما عمن أدركه الكبر فضعف عن صيام رمضان فقالا لا صيام عليه ولا فدية‏.‏

ابن وهب‏:‏ وقد كان مالك يقول في الحامل تفطر وتطعم ويذكر أن بن عمر قاله‏.‏

قال أشهب‏:‏ وهو أحب إلي وما أرى ذلك واجبا عليها لأنه مرض من الأمراض‏.‏

في صيام المرأة تطوعا بغير اذن

 قال‏:‏ وقال مالك في المرأة تصوم تطوعا من غير أن تستأذن زوجها‏.‏

قال‏:‏ ذلك يختلف من الرجال من يحتاج أهله وتعلم المرأة أن ذلك شأنه فلا أحب لها أن تصوم الا أن تستأذنه ومنهن من تعلم أنه لا حاجة له فيها فلا بأس أن تصوم‏.‏

في قضاء صيام رمضان في عشر ذي الحجة وأيام التشريق

 قلت‏:‏ ما قول مالك أيقضي الرجل رمضان في العشر فقال نعم‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ ففي أيام التشريق‏.‏

قال‏:‏ أما في اليومين الأولين بعد يوم النحر فلا فأما في اليوم الثالث من بعد يوم النحر فقال إذا نذره رجل فليصمه ولا يقضي فيه رمضان ولا يبتدئ فيه صياما من ظهار أو قتل نفس أو ما أشبه هذا إلا أن يكون قد صام قبل ذلك فمرض ثم صح وقوي على الصيام في هذا اليوم أو في أيام النحر فإنه لا يصوم أيام النحر ويبتدئ هذا اليوم الآخر من أيام التشريق فيبني على صيامه الذي كان قد صامه قال وكذلك قتل النفس قال وأما قضاء رمضان فإنه لا يصومه‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن سفيان الثوري عن الاسود بن قيس عن أبيه عن عمر بن الخطاب أنه قال ما أيام أحب إلي ان أقضي فيها شهر رمضان من هذه الأيام لعشر ذي الحجة‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة وحيوة بن شريح عن خالد بن أبي عمران أنه سأل القاسم وسالما عن رجل عليه صوم من رمضان أيقضيه في العشر فقالا نعم ويقضيه في يوم عاشوراء‏.‏

في الذي يوصي أن يقضى عنه صيام واجب

 قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا أفطر في رمضان من عذر ثم صح أو رجع من سفره ففرط فلم يصمه حتى مات وقد صح شهرا أو قدم فأقام في أهله شهرا فمات وأوصى أن يطعم عنه‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يكون ذلك في ثلثه يبدأ على أهل الوصايا‏.‏

قال‏:‏ والزكاة تبدأ على هذا‏.‏

قلت‏:‏ فالعتق في الظهار وقتل النفس إن أوصى بهما مع هذا الطعام بأيهما يبدأ في قول مالك‏.‏

فقال‏:‏ العتق في الظهار وقتل النفس يبديان على كفارات الإيمان كذلك قال مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا قال لله علي أن أطعم ثلاثين مسكينا وكان قد فرط في قضاء رمضان فأوصى بهما جميعا بأيهما يبدأ‏.‏

فقال‏:‏ يبدأ بالطعام لقضاء رمض‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك من أسلم في رمضان الذي فرط فيه‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏.‏

قال‏:‏ قال مالك يبدأ بالذي هو أوكد‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وقضاء رمضان عندي أوكد‏.‏

قال‏:‏ ولقد سألنا مالكا عن الرجل يكون عليه الصيام في رمضان وصيام الهدى بأيهما يبدأ في صيامه‏.‏

فقال‏:‏ بالهدى إلا أن يرهقه رمضان آخر فيقضي رمضان ثم يقضي صيام الهدي بعد ذلك‏.‏

قال‏:‏ وقال لي مالك الزكاة إذا أوصى بها تبدأ على كل شيء في كتاب الله من عتق أو غيره إلا المدبر في الصحة وحده فإنه يبدأ على الزكاة ولا تفسخ الزكاة التدبير‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن فرط رجل في قضاء رمضان ثم مات ولم يوص به‏.‏

فقال‏:‏ قال مالك ذلك إلى أهله إن شاؤوا أطعموا عنه وإن شاؤوا تركوا ولا يجبرون على ذلك ولا يقضي به عليهم‏.‏

قال‏:‏ وكل ما وجب عليه من زكاة أو غيرها ثم لم يوص به لم تجبر الورثة على أداء ذلك إلا أن يشاؤوا‏.‏

قلت‏:‏ وكم يطعم لرمضان إذا أوصى بذلك‏.‏

فقال‏:‏ قال مالك مد عن كل يوم لكل مسكين‏.‏

قلت‏:‏ أفيجزيء أن يطعم مسكينا واحدا ثلاثين مدا‏.‏

فقال‏:‏ لا يجزئه إلا أن يطعم ثلاثين مسكينا مدا مدا‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فإن كان إنما صح أياما‏.‏

فقال‏:‏ قال مالك فبعدد الأيام التي صح فيها يجب فيه الإطعام‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك والمسافر والمريض في هذا سواء‏.‏

ما يتابع من الصيام وما لا يتابع

 قلت‏:‏ ما قول مالك في كل صيام في القرآن أمتتابع هو أم لا‏؟‏ فقال‏:‏ أما ما كان من صيام الشهور فهو متتابع لأن الله تعالى يقول فصيام شهرين متتابعين وما كان من صيام الأيام التي في القرآن مثل قوله في قضاء رمضان فعدة من أيام أخر قال فأحب إلي أن يتابع بين ذلك فإن لم يفعل أجزأه‏.‏

قلت‏:‏ فإن صام رجل كفارة اليمين مفرقة أيجزئه في قول مالك فقال نعم‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك وإن فرق صيام ثلاثة أيام في الحج أجزأه‏.‏

قال مالك‏:‏ وإن صام يوم التروية ويوم عرفة ويوما من آخر أيام التشريق أجزأه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت صيام جزاء الصيد والمتعة أيتابع بينه في قول مالك أم يفرقه إن أحب‏.‏

فقال‏:‏ أحب إلى مالك أن يتابع فإن فرقه لم يكن عليه شيء وأجزأ عنه ‏(‏وقال ربيعة‏)‏ لو أن رجلا فرق قضاء رمضان لم آمره أن يعيد ‏(‏أشهب‏)‏ وإن بن عباس وأبا هريرة وعمرو بن العاص وعروة بن الزبير وعطاء بن أبي رباح وأبا عبيدة بن الجراح ومعاذ بن جبل قالوا لا بأس بأن يفرق قضاء رمضان إذا أحصيت العدة وإن بن عمر وعلي بن أبي طالب وسعيد بن المسيب كرهوا أن يفرق قضاء رمضان‏.‏

في الذي يسلم في رمضان

 قال‏:‏ وقال مالك من أسلم في رمضان فليس عليه قضاء ما مضى منه وليصم ما بقي منه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت اليوم الذي أسلم فيه‏.‏

فقال‏:‏ قال مالك أحب إلي أن يقضيه ولست أرى قضاءه عليه واجبا‏.‏

في الذي ينذر صياما متتابعا أو غير متتابع أو بعينه أو بغير عينه

 قال ابن القاسم‏:‏ قال مالك من نذر أن يصوم أياما أو شهرا أو شهرين ولم يسم أياما بعينها ولا شهرا بعينه‏.‏

فقال‏:‏ يصوم عدد تلك الأيام إن شاء فرقه وإن شاء تابعه‏.‏

قال‏:‏ فقلت لمالك فليس عليه أن يتابعه وإن قال شهرا أو شهرين‏.‏

فقال‏:‏ ليس عليه أن يتابعه الشهر عندي مثل الأيام هو في سعة من تفريقه أو متابعته إلا أن ينويه متتابعا‏.‏

قلت‏:‏ فإن نذر سنة‏.‏

فقال‏:‏ قال مالك أرى أن يصوم سنة على وجهها ليس فيها رمضان ولا أيام الذبح ولا يوم الفطر‏.‏

قال‏:‏ فقلنا لمالك فإن نذر سنة بعينها أفعليه أن يقضي رمضان ويوم الفطر وأيام الذبح‏.‏

فقال‏:‏ لا وإنما عليه أن يصوم ما كان منها يصام ويفطر ما كان منها يفطر‏.‏

قال‏:‏ وإنما مثل ذلك عندي بمنزلة الذي يقول علي نذر أن أصلي اليوم فليس عليه في الساعات التي لا تحل الصلاة فيها قضاء‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأنا أرى في الذي نذر سنة بغير عينها أن يصوم اثنى عشر شهرا ليس فيها يوم الفطر ولا أيام الذبح ولا رمضان ويصوم اثنى عشر شهرا ما كان منها من الأشهر فعلى الاهلة وما كان منها يفطره مثل رمضان وأيام الذبح ويوم الفطر أفطره وقضاه ويجعل الشهر الذي يفطر فيه ثلاثين يوما إلا أن ينذر سنة بعينها فيصوم منها ما كان يصام ويفطر منها ما كان يفطر ولا قضاء عليه لشيء مما كان يفطر فيه إلا أن يكون نوى قضاءه وما مرض فيه حتى ألجىء فيه إلى الفطر فلا قضاء عليه فيه لأن مالكا قال من نذر أن يصوم شهرا بعينه فمرضه فلا قضاء عليه لأن الحبس إنما أتى من الله ولم يكن من سببه وكذلك السنة بعينها‏.‏

قال‏:‏ فقلنا له فلو أن رجلا ابتدأ صياما عليه من نذر نذره صوم أشهر متتابعات أو غير متتابعات فصام في وسط الشهر فكان الشهر تسعة وعشرين يوما أيقضي ما أفطر عنه أم يستكمل الشهر بما صام منه ثلاثين يوما‏.‏

قال‏:‏ بل يستكمل الشهر تماما حتى يكمل عدد ثلاثين يوما وما صام للاهلة فذلك على الاهلة وإن كانت تسعة وعشرين‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن نذر صيام أشهر ليست متتابعات أله أن يجعلها على غير الاهلة في قول مالك كلها‏.‏

قال‏:‏ نعم إلا أن يكون نذرها أشهرا بأعيانها فيصومها بأعيانها‏.‏

قلت‏:‏ فإن نذر أن يصوم سنة بعينها قال يصومها‏.‏

قلت‏:‏ فإن أفطر منها شهرا فقال يقضيه‏.‏

قلت‏:‏ فإن كان الشهر الذي أفطره تسعة وعشرين أيقضي تسعة وعشرين أم ثلاثين‏.‏

فقال‏:‏ يقضي تسعة وعشرين عدد الشهر الذي أفطره‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قال‏:‏ فقلت لمالك فرمضان ويوم الفطر وأيام النحر الثلاثة كيف يصنع فيها وإنما نذر سنة بعينها أعليه قضاؤها أم ليس عليه قضاؤها إذا كان لا يصلح الصوم فيها‏.‏

فقال‏:‏ أولا لا قضاء عليه إلا أن يكون نوى أن يصومهن ‏(‏ثم سئل‏)‏ عن ذي الحجة من نذر صيامه أترى عليه أن يقضي أيام الذبح‏.‏

فقال‏:‏ نعم عليه القضاء إلا أن يكون نوى أن لا قضاء لها‏.‏

قال‏:‏ وأحب قوله إلي الأول أنه يصوم منه ما كان يصام ويفطر ما كان يفطر ولا قضاء عليه إلا أن يكون نوى ذلك‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأما آخر أيام التشريق اليوم الذي ليس من أيام الذبح فأرى أن يصومه ولا يدعه‏.‏

قال مالك‏:‏ وكذلك لو أن رجلا نذر أن يصوم ذا الحجة فعليه قضاء أيام الذبح إلا أن يكون نوى حين نذر أن لا قضاء لهن‏.‏

قال‏:‏ ونزلت برجل وأنا عنده قاعد فأفتاه بذلك‏.‏

قال‏:‏ وقال مالك ومن نذر صيام شهر بعينه فمرض فيه فلا قضاء عليه إذا كان الله هو منعه إلا أن يكون أفطر ذلك وهو يقوى على صومه فعليه القضاء عدد تلك الأيام‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن نذر صيام شهر بعينه فأفطره أتأمره أن يقضيه متتابعا‏.‏

فقال‏:‏ إن قضاه متتابعا فذلك أحب إلي فإن فرقه فأرجو أن يكون مجزئا عنه لأن رمضان لو قضاه متفرقا أجزأه‏.‏

قلت‏:‏ أتحفظ هذا عن مالك‏؟‏ قال لا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا قال لله علي أن أصوم غدا فأفطره أيكون عليه كفارة يمين مع القضاء فقال لا‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قال‏:‏ وتفسير ذلك أن من نذر نذرا ولم يجعل له مخرجا فكفارته كفارة يمين وهذا قد جعل لنذره مخرجا الصيام‏.‏

قلت‏:‏ وهذا التفسير فسره لكم مالك‏.‏

قال‏:‏ هو قوله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت من جعل لله عليه صيام شهر أيصومه متتابعا أو متفرقا‏.‏

فقال‏:‏ قال مالك إن لم ينوه متتابعا فرقه إن شاء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا قال لله علي أن أصوم المحرم فمرض في المحرم أو أفطره متعمدا‏.‏

فقال‏:‏ قال مالك إن أفطره متعمدا فعليه قضاؤه وإن مرضه لم يكن عليه قضاؤه‏.‏

قلت‏:‏ فإن قال لله علي أن أصوم المحرم فأفطر منه يوما وصام ما بقي‏.‏

قال‏:‏ يقضي يوما مكان اليوم الذي أفطره إلا أن يكون أفطره من مرض‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا قال لله علي أن أصوم شهرا متتابعا فأفطر يوما بعد صيام عشرة أيام من غير مرض‏.‏

فقال‏:‏ يبتدئ ولا يبني‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا قال لله علي أن أصوم كل خميس يأتي فأفطر خميسا واحدا من غير علة‏.‏

فقال‏:‏ قال مالك عليه القضاء‏.‏

قال‏:‏ ورأيت مالكا يكره هذا كراهية شديدة الذي يقول لله علي أن أصوم يوما يؤقته‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت من قال لله علي أن أصوم اليوم الذي يقدم فيه فيقدم فلان ليلا أيكون عليه صوم أم لا‏؟‏ قال‏:‏ أرى عليه صوم صبيحة تلك الليلة فيما يستقبل‏.‏

قلت‏:‏ وتحفظ هذا عن مالك‏؟‏ قال لا ولكن الليل من النهار‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان قدم فلان نهارا وقد أكل فيه الحالف أيكون عليه قضاء ذلك اليوم‏؟‏ قال لا‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏ قال لا وهو رأيي‏.‏

قلت‏:‏ فإن قدم فلان بعد ما أصبح وهو ينوي الإفطار أعليه قضاء هذا اليوم‏.‏

فقال‏:‏ لا يقضيه في رأيي لأنه لما أصبح وهو ينوي الافطار لم يجزه ولم يكن عليه القضاء لأن فلانا لم يقدم إلا وقد جاز لهذا الرجل الإفطار‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان قال لله علي صيام غد فيكون غد الأضحى أو الفطر وهو يعلم بذلك أو لا يعلم أيكون عليه قضاؤه في قول مالك‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ لا صيام عليه فيه لأنه ان كان لا يعلم أن غدا النحر أو الفطر فذلك أبعد من أن يلزمه ذلك أو يجب عليه وان كان يعلم أن غدا الفطر أو النحر فذلك أيضا لا يلزمه لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيامهما فلا نذر لأحد في صيام ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم ولا يلزمه ذلك وهذا رأيي والذي أستحسن‏.‏

قلت‏:‏ فهل يلزمه قضاؤه بعد ذلك إذا كان صومه لا يلزمه‏.‏

قال‏:‏ لا قضاء عليه فيه بعد ذلك‏.‏

قلت‏:‏ لم لا يقضيه‏.‏

قال‏:‏ لأنه أوجب على نفسه صياما فجاء المنع من غير فعله جاء المنع من الله وكل منع جاء من الله فلا قضاء عليه وإن جاء المنع منه فعليه القضاء‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ والذي أرى وأستحسن أن من نذر صوم سنة بعينها أو شهرا بعينه أو يوما بعينه صام من ذلك ما كان يصام وأفطر من ذلك ما كان يفطر ولم يكن عليه لما أفطر قضاء إلا أن يكون نوى عند ما نذر أن يكون عليه قضاء ما أفطر من ذلك وان كان نذر سنة أو شهرا بغير عينه صام سنة ليس فيها رمضان ولا يوم الفطر ولا أيام النحر وكان عليه اثنا عشر شهرا وهذا الذي ذكرت لك قول مالك وكذلك من نذر شهرا فإن عليه صيام شهر كامل وهو رأيي‏.‏

قال مالك‏:‏ وإنما الذي نذر سنة بعينها بمنزلة من نذر صلاة يوم يعينه فهو يصلي ما كان من اليوم يصلي ولا يصلي في الساعات التي لا يصلي فيها ولا شيء عليه فيها ولا قضاء عليه وان جاء المنع منه فعليه القضاء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان قال لله علي أن أصوم اليوم الذي يقدم فيه فلان أبدا فقدم فلان يوم الاثنين أعليه أن يصوم هذا اليوم فيما يستقبل أبدا في قول مالك‏.‏

فقال‏:‏ نعم عليه أن يصومه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن امرأة قالت لله علي أن أصوم سنة ثمانين أتقضي أيام حيضتها‏.‏

فقال‏:‏ لا تقضي أيام حيضتها لأن الحيض عندي مثل المرض‏.‏

قال‏:‏ ولو أنها مرضت السنة كلها لم يكن عليها قضاء‏.‏

قال‏:‏ ولقد سمعت مالكا غير مرة يسئل عن المرأة تجعل على نفسها أن تصوم الاثنين والخميس ما بقيت فتحيض فيهما أو تمرض أو تسافر‏.‏

فقال‏:‏ مالك أما الحيضة والمرض فلا أرى عليها فيهما قضاء وأما السفر فقال مالك فاني لا أدري ما هو‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وكأني رأيته يستحب القضاء فيه‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت امرأة قالت لله علي أن أصوم غدا فحاضت قبل الغد أيكون عليها قضاء هذا اليوم في قول مالك‏.‏

فقال‏:‏ لا قال مالك لأن الحبس جاء من غيرها‏.‏

قلت‏:‏ فإن قالت لله علي أن أصوم أيام حيضتي أتقضيها أم لا‏؟‏ قال لا تقضيها‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وقال مالك من نذر صياما أو كان عليه صوم واجب أو نذر صيام ذي الحجة فلا ينبغي له أن يصوم أيام الذبح الثلاثة ولا يقضي فيها صياما واجبا عليه من نذر أو رمضان ولا يصومها أحد إلا المتمتع الذي لا يجد الهدي فذلك يصوم اليومين الآخرين ولا يصوم يوم النحر أحد‏.‏

وأما آخر أيام التشريق فيصام ان نذره رجل أو نذر صيام شهر ذي الحجة فأما أن يقضي به رمضان أو غير ذلك فلا يفعل‏.‏

قال مالك‏:‏ ومن نذر صيام شهرين ليسا بأعيانهما فإن شاء صام للاهلة وإن شاء صام ستين يوما لغير الاهلة وإن شاء صام بعض شهر بالأيام ثم صام بعد ذلك شهرا للاهلة ثم يكمل ثلاثين يوما بعد هذا الشهر بالأيام التي صامها قبله فيصير شهرا بالأيام وشهرا بالاهلة‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن بن لهيعة وعمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب أن أياس بن جارية حدثه أن أمه نذرت أن تصوم سنة فاستفتى لها سعيد بن المسيب فقال تصوم ثلاثة عشر شهرا فإن رمضان فريضة وليس من نذرها قال ويومان في السنة يوم الفطر ويوم الاضحى‏.‏